فطيّس بقنة.. المسرح الذي لايشبه سوى ذاته

فطيّس بقنة.. المسرح الذي لايشبه سوى ذاته

سيرة ذاتية

حين نكتب عن مسرح غنائي وطني، سيكون فطيّس بقنة علامة فارقة فيه.. نحت اسمه وحرّكه ولوّنه، كما يرسم لوحات المسرح ويلونها.. نغم الموسيقى تناسبه الرقصة، وكلمات تفصّلها الأحداث، وأثواب تتماوج وألوان تتمازج، وجهات تجتمع على خشبة واحدة ووقت واحد، تراها أمواجًا متتابعة ومتناسقة لا يمكن فصلها، لذا لم نكن نستحضر مهرجان التراث والثقافة الجنادرية إلا وكان اسم فطيّس بقنة حاضرًا ومشعًا.

 

 الطريق إلى الوطن

كان الطريق شاقًا، فلم يكن سهلا على أي حال لخريج الإعلام أن يكون مخرجًا مسرحيا لامعًا.. الشاب المولع بالتصوير وتوثيق اللحظات وربما خلقها، بدأ كمساعد مصور يحمل الكاميرات ويمدُّ الأسلاك ويجهز الآلات.. وهكذا بدأ الأمر برنامجًا صغيرًا هنا، وسهرة تلفزيونية هناك، عشرة أعوام استغرقت فطيّس ليقتنع أنه مخرج، ويعتلي فن المسرح على الهواء، ويقود فرقًا تعزف وترسم وترقص للوطن في مناسباته وأيامه.

 

مايسترو المسرح.. عيون ترى في جميع الجهات

 بإعداد هنا وإخراج هناك؛ مرت تجربة فطيس بقنة بكثير من المحطات والأعمال الجميلة اللافتة.. فمن برنامج "استراحة الخميس" إلى جولة الكاميرا، ثم كشف حساب لبرنامج مسابقات، عشر سنوات استغرقت فطيس ليكون مخرجًا لمسرح ضخم، لإطلالة كرنفالية مموسقة بالألوان ومزيّنة بجهات الوطن، مايسترو يقود فرقًا ضخمة وجغرافيا أمكنة متعددة وأزمنة مختلفة، وفلاشات أضواء هنا وهناك. 

في اللحظة ذاتها وعلى الهواء مباشرة، يقودها ببراعة فنان وعيني خبير، لتكون المحصلة النهائية أوبريتات لاتنسى للوطن.

 

الجنادرية كرنفال ثقافي وطني

 يقول المخرج الإيطالي "فيلليني": "إن كنت سأصنع فيلماً حول حياة شخص ما، فهي بالمحصلة ستكون حياتي"،.. أما فطيس بقنة فأخرج لنا مسرحًا وطنيا متكاملًا، ويقول: "إن لم تكن جريئًا، فابتعد عن المسرح".. بقنة الذي قاد فرقا كثيرة في أوبريتات مختلفة وإبداع مستمر؛ استطاع أن يوثق بعضًا من تاريخ هذه الأمة العظيمة.

فمن "دولة ورجال" إلى "عرايس المملكة"، ومن "كفاح أجيال" إلى كتابة "كتاب مجد بلادنا"، ثم تسطير ملحمة موسيقية ضخمة في "ملحمة فارس التوحيد"، التي كان قائدها الملك عبد العزيز في "أمجاد الموحد" في "خليج الخير"، وموطن "عرين الأسد". 

ولايزال فطيّس يرسم خطًا ثابتًا لهذا التحدي الصعب، ويلوّن مسرحه، ويعزف أهازيج الوطن، في لوحات راقصة لا تستطيع إلا أن تستحضرها عند كل عرس وطني.

فما إن تذكر الجنادرية حتى تجد فطيس حاضرًا فيها، الرجل المليء بالمشروعات والأحلام والفن والإبداع.