خادم الحرمين الشريفين يوجه كلمة للمواطنين وعموم المسلمين بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ ربِّ العالمِينَ والصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الأَمينِ، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ أجمعينْ أيُّها المواطنونَ والمقيمونَ في بلادِنا الغاليةِ، المملكةِ العربيةِ السعوديةِ حَفِظْها اللهُ أبطالَنا المرابطينَ والمرابطاتِ في مواجهَةِ المخاطِرِ والأَزَماتِ أيُّها المسلمونَ والمسلماتُ في مشارقِ الأرضِ ومغارِبِها السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهْ كلُّ عامٍ وأنتُمْ بِخيرٍ، وعيدُكم مبارَكْ الحمدُ للهِ على ما تفضّلَ بهِ علَينا من إتمامِ صيامِ وقيامِ شهرِ رمضانَ المبارك، سائلينَ اللهَ أن يتقبَّلَ مِنَّا ومنكُمْ صالحَ الأعمالِ، شاكرينَ المَولَى العليَّ القديرَ أنْ بلَّغَنَا عيدَ الفطرِ السعيدَ، داعينَ اللهَ أنْ يُوَفِقَنا للخيراتِ، وأن يُعينَنا على القيامِ بِما يُرضِيهِ. إخوانِي وأخَوَاتي أبنائي وبناتي لقَدْ شَرَعَ اللهُ لنا العيدَ ليكونَ فَرَحاً وسعادةً وبهجةً وسُروراً، يَقولُ تَعالَى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ). يُواجِهُ العالَمُ ونَحنُ جُزءٌ مِنْهُ جائحةً صحيةً واقتصاديةً لم يَشهَدْ لها العالَمُ مثيلاً، مما استَدعى حُلُولاً عاجِلَةً لِمواجهَةِ جائحةِ فايروسَ كورونا المستجدِّ، ولا يَسَعُني في هذا الشأنِ إلا أنْ أَشكُرَ المواطنينَ والمواطناتِ والمقيمينَ والمقيماتِ على وقُوفِهِمْ بِكُلِّ إخلاصٍ وَوَفاءٍ مَعَ ما اتَّخذَتْهُ الأجهزةُ المعنيَّةُ في بلادِنا من إجراءاتٍ احترازيةٍ وَوِقَائِيةٍ وعِلاجيةٍ، هَدَفُهَا الإنسانُ ولا شَيءَ غَيرَ الإنسانِ، والحِفاظُ على صِحَّتِهِ والعمَلُ على رِعايتِهِ والسَّعِيِّ إلى راحَتِهِ. إنَّني أُقدرُ بشكلٍ كبيرٍ قضاءَكم العيدَ في بِيُوتِكُمْ، مُلتَزِمينَ بِكلِّ وعيٍ ومسؤوليةٍ بإجراءاتِ التباعُدِ الاجتماعِيِّ، مُستَعِيضِينَ عن الِّلقاءاتِ وتَبَادُلِ التهانِي مباشرةً، بالتواصُلِ والمُعايَدَةِ والتَّهنِئةِ بالاتصالاتِ والمراسلاتِ والتَّواصُلِ عنْ بُعدٍ ... كُلُ ذلكَ حِرصاً على سلامَتِكُمْ، فالبهجَةُ بالصِّحةِ والفرحُ بالعافيةِ، وكُلُّ سرورٍ يُؤَدِّي لِخَطَرٍ نِهايَتُهُ نَدَمٌ كَفانا اللهُ وإياكُمْ الشُّرورَ. إنَّنا أيُّها الإخوةُ والأخواتُ بالتِزامِنا بالإجراءاتِ الاحترازيَّةِ التي تَهدِفُ لِمُواجَهَةِ هذهِ الجائحَةِ في قَضاءِ العيدِ بمنازِلِنا والتهنِئَةِ بِهِ عَبرَ الاتصالاتِ والمراسلاتِ الإلكترونيةِ نَمتَثِلُ تَعاليمَ دِينِنِا الحَنيفِ ونَعمَلُ بأَحكامِهِ في النَّوازِلِ، وعندَ انتشارِ الأوبِئَةِ ملتَزِمِينَ بِما حَثَّنا عليهِ مِنَ التّوادِّ والتَّعاطُفِ، وإشاعةِ مَباهِجِ العيدِ وفَرحتِهِ، فالسلامَةُ تَستَلِزمُ مِنَ المجتَمَعِ كُلِّهِ تَفَهُّمَ هذا الظَّرفِ الخاصِّ الذي يَمنَعُ المسلمينَ مِنَ الخروجِ لِصلاةِ العيدِ وتَبادُلِ الزياراتِ مُجَدِّدِينَ التأكيدَ على أنَّ سلامةَ وصِحةَ المواطنِ والمقيمِ في رَأسِ اهتِماماتِنا، آملينَ مِنَ الجميعِ اتِّخاذَ إجراءاتِ السلامَةِ التي أقَرَّتْها ضَوابِطُ الحَدِّ من انتِشارِ هذهِ الجائحَةِ وتَفَشِّيها مِنْ أَجْلِ سلامَتِكُمْ، وفي سَبيلِ المُحافَظَةِ على صِحَّتِكُم. أبنائي وبناتي: إنَّ بلادَكم لتَفخرُ أشدَ الفَخرِ بِكوادِرِها الصحيَّةِ والمَيدانيةِ في كُلِّ القطاعَاتِ التي تَصَدَّتْ لهَذِهِ الجائِحَةِ بِقوةٍ وَثَباتٍ وإخلاصٍ، يُسانِدُهُمْ في ذَلكَ إخوانُهُمْ في القطاعاتِ الأمنِيَّةِ والقِطاعاتِ كافَّةً، فَلَهُمْ مِنَّا جميعاً كُلُّ الشُّكرِ والتقديرِ. لقدْ أسهَمَتْ هذهِ الجُهُودُ بفضلِ اللهِ تعالَى في الوُصولِ إلى نتائِجَ تَزرَعُ الأمَلَ وتَبُثُّ التَّفاؤُلَ بما تَحَقَّقَ في مُواجَهَةِ انتشارِ الجائِحَةِ، فَعالَجَتْ المصابِينَ مِنَ المواطنينَ والمُقيمينَ وَوَفَّرَتْ المَحَاجِرَ، وأتخذت كُلَّ الإجراءاتِ الاحترازيةِ التي قد يَكونُ بَعضُها مُؤلِماً لكنَّها الضَّرورَةُ، وَمِنْ أجْلِ الإنسانِ يَهُونُ كُلُّ ما دُونَهْ. لَقدْ بادَرَتْ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ، انطلاقاً مِنْ قِيَمِهَا الدِّينِيَّةِ والإنسانِيَّةِ والوَطنِيَّةِ إلى بَذْلِ كُلِّ الجُهُودِ الرَّامِيَةِ إلى مُقاوَمَةِ هَذهِ الجائِحَةِ والسَّعيِّ في تَخفِيفِ آثارِها، كَما قَدَّمَتْ بلادُكُمْ الدَّعمَ السَّخيَ لمنظمَةِ الصِّحةِ العالَميَّةِ دَعماً لِجُهُودِها في مُواجَهَةِ الجائِحَةِ، كما قَدَّمَتْ الدَّعمَ السَّخيَّ للبُحوثِ العلميَّةِ المحليَّةِ والدَّوليَّةِ لاكتشافِ لِقاحٍ للفايروسَ، أو دَواءٍ ناجِعٍ يُسهِمُ في تَخليصِ البشريَّةِ مِنْ هذا الوَباءِ. واستشعاراً لدَورِها العالَمِيِّ وَوَاجِبِها الإنسانِيِّ دَعَتِ المملكةُ بحُكْمِ رِئاسَتِها مَجموعَةَ العشرينَ إلى عَقْدِ اجتماعِ قِمَّةٍ للمجموعَةِ نَاقَشَتْ خِلالَها الآثارَ الصحيَّةَ والاقتصاديَّةَ والاجتماعيَّةَ للجائِحِةِ، واتَّخَذَتْ القراراتِ اللازِمَةَ، ولَنْ تُوَفِّرَ بلادُكُمْ جُهداً في سَبيلِ تَقديمِ الخيرِ للبشريَّةِ في هَذهِ الجائِحَةِ خُصُوصاً، وفي كُلِّ مَناحِي الحياةِ عُمُوماً. أبتَهِلُ إلى المَولَى، بالدُّعاءِ الخالِصِ، كما سَلَّمَ لنا رَمضانَ وسَلَّمَنا لِرمضانَ، أنْ يُعيدَهُ علينا وبِلادُنا الغاليَةُ العَزيزَةُ، وأُمَّتُنا العربيَّةُ والإسلاميَّةُ، والعالَمُ أجمَعُ، في صِحةٍ وعافِيةٍ مِنْ كُلِّ بَلاءٍ ومَكْرُوهٍ، وأَنْ يُعيدَ علَينا العِيدَ، وَقَدْ رَفَعَ اللهُ عَنَّا وعَنِ الإنسانِيَّةِ جَمعَاءَ هذا الوباءَ، وكُلَّ بَلاءٍ. اللهم احفَظْ بلادَنا، وارحَمْ مَنِ استأثَرتَ بهِمْ فِي كَنَفِكَ الكَريمِ، مِمَّنْ لَم يَشهَدِ العيدَ مَعَنا، بِسبَبِ هَذهِ الجائحَةِ أو سِوَاها. اللهُمَّ أرحَمْ مَوتانا وَمَوتَى المسلمِينَ، وتَقَبَّلْ شُهداءَنا الذينَ بَذَلُوا أروَاحَهُمْ فِداءً لأهلِهِمْ وإخوانِهِمْ، ودِفاعاً عَنْ حِياضِ أوطَانِهِمْ، وأَنْزِلْهُمْ منازِلَ الشُّهداءِ والصَّالِحِينَ في جَنَّاتِكَ جَنَّاتِ النَّعيمِ، بِمَنِّكَ وكَرَمِكَ يا أَكرَمَ الأكرَمينَ. بَارَكَ اللهُ أعيادَنا، ومَتَّعْنا بالصِّحَةِ والعافِيَةَ، وحَفِظَ لنا وَطَنَنَا، وَسَلَّم البشَرِيَّةَ مِنْ كُلِّ شَرٍ وَمَكرُوهٍ. وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على رسُولِنا ونبِيِّنا مُحمَّدٍ وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجمَعينْ. والسَّلامُ عليكُمْ ورحمَةُ اللهِ وبركاتُهْ.